لم استطع ان امنع دموعي من ان تنهمر وانا ارى فرحة يحيى وخالي فريد وجدي لحظة زفافي ليحيى ...كان اخوالي حوله يغنون له و
ون ...كم جميل هو شعور الاسرة
....................................................
في صباح اليوم التالي لزفافي كان هو بالحمام بينما انا في الغرفة ....
هل تذكرت نزار ؟؟؟
نعم
بكل لحظة
بكل لفته
بكل همسة
بكل اغنية كان معي
حتى عندما طلبوا من يحيى ان يغني لي اي اغنيه تفاجأت بجمال صوته وهو يغني لي اغنية حبيبتي وانت وبس للمغني العراقي اسماعيل الفروجي وطلبني للرقص معه على انغام هذه الاغنية ...للحظة شعرت انه نزار
قد كان يتنفس معي ...نظراته كانت معي تلاحقني اينما اولي وجهي ......
وهمسه لاسمي كان ياتني من بعيد عبر القارات والدول والمحيطات ....
كنت اراه بين الوجوه
حتى وانا ويحيى عندما دخلنا بيتنا لاول مرة
وضمتنا غرفة نومنا المشتركة
تمنيت ان يكون نزار هو الرجل الاول بحياتي
هل هذه خيانه زوجية ؟؟
بينما انا جالسة بغرفتي ..خرج يحيى من الحمام وقد لف نفسه ببرنس الحمام الابيض وكان ينشف شعره عندما راى دمعة كبيرة على خدي تنهمر ...جاء يجلس بجانبي مسح دمعتي ثم ضمني الى صدره وهو يقبل راسي ويدي وخدي
مياس لاتبكي حبيبي
رفعت راسي بغته اليه هذه كلمه نزار خبات راسي بصدره وانا اجهش ببكائي
مياس ...حبيبي ...انا اعرف انه لمن الصعب ان تتزوجي ولا يحضر احد من اهلك .....لكن اعدك ان اكون منذ هذه اللحظة ابوك وامك وجميع اخوتك
الله على نبلك يا يحيى ...الله على دماثة اخلاقك ..
لا ادري ما اقول عنه غير انه الشيئ الوحيد الذي خفف عني هموم نزار والغربه والبعد عن بغداد ...
كان اذا ما راني اسرح بفكري يداعبني كما لو كنت صغيرته
واذا ما شعر بضغوطات الدراسه والامتحانات يعفيني من واجبات بيتيه كثيرة
اكتشفت حبه المجنون للاطفال عندما كان يداعب اطفال العائلة فهمست باذنه
لم لا ننجب طفلا مادام انك كثير الوله بهم ....
سكت ولم ينطق بكلمة ...ولكن عند الحاحي عليه بهذا السؤال
مياس ..حبيبي عندما تنهي دراستك سننجب الكثير منهم
رسمت قبلتي على خده ناسيه حضور اخوالي في تلك الجلسة
............................................
تعبت فجاة في الكلية وتم نقلي الى المستشفى كاد يطير فرحا عندما علم انني حامل ...كان يجب ان احقق له حلمه وارد ولو جزء بسيط معاملته الطيبة لي حتى وان كان ذلك على حساب راحتي
وجاءت طفلتي الوحيدة ....جميله هي لها عيني ابيها الساحرتين وذقنه الدقيقة ...رايت دموعه تترقرق على خديه عندما جاءت بها الممرضة تناوله الصغيرة ...ثم سمعت نشيجه وهو يؤذن باذنها وضمها لصدره بينما خالي فريد يقول له
اذكر الله يا ولدي
قال مهند
ماذا ستسميها
مياس هي التي تسميها
قلت
ميار
نصف اسمي الاول ونصف اسم نزار الثاني
قال يحيى
ميار ...ميار ...احلى ميار
حنون هو
طيب
يحبني
و
ماذا بعد
ماذا قد تتمنى المراة اكثر من ذلك بصفات زوجها ؟
لا اعرف
هل نسيت نزار
لا اعرف
.......................................................
حصلت على شهادة الدكتوراه
وكنت تتعاقد معي اكثر من جامعة لادرس طلابها
حتى صارت حياتي في
كتبي
وحقيبتي .
ومحاضراتي
وعندما اهرب من كل ذلك كان متنفسي الوحيد
ميار
ويحيى
ذلك الانسان الرائع الذي سخرته لي الاقدار ليكون بطريقي
.........................
افيق صباحا لاحضر الافطار لزوجي وابنتي
تخرج صغيرتي الى المدرسه
فادخل غرفة نومي لاوقظ يحيى
نفطر سويا انظف المطبخ حتى ينهي هو تصفح الاخبار على النت ثم نشرب فنجال قهوتنا الصباحي ...ثم نذهب سويا الى محل عملنا
حياة رتيبه ....لكنها غير مزعجة فقد اعتدت عليها
هل نسيت نزار وعشقي البغدادي ؟؟
كان يطل بين الفينه والفينه براسه ...بوردات الكاردينيا فتشرق الحياة عبر ابتسامته
كنت ببعض الاحيان اتوقف عند سؤال قد يسألني اياه طالب
لا اعرف كيف اجيب....او امر بموقف لا اعرف كيف اتصرف به اجدني اذكره بثقافته العالية ...ثم استحضر روحه كما لو كان معي واتصرف كما لوكان تصرف هو
......................................................
اعوام مضت وانا بهذا الحال
كم مضى من الوقت
عشر اعوام ...ربما اكثر
لا بد انه قد نسي بين حومه حياته المزدحمة فتاه تدعى مياس
19 -3
لايمكن لي ان انسى ذلك اليوم ما حييت
اليوم الذي به بدات العمليات العسكرية باسقاط بغداد
كان يوم رهيب
افقت على غير عادتي باكرا بذلك الصباح ربما كانت السادسة صباحا كانت خيوط الصباح الاولى تصارع الليل لتحل محله
شغلت التلفاز وخرجت الى شرفه البيت وحملت مرش الماء اسقي نباتاتي الظليه التي اقتنيها ببيتي ...وكعهدي كل صباح رحت اسبح مع ظلياتي عندما اطل علي مذيع قناة الجزيرة بخبره العاجل ببدء العمليات العسكريه ضد بغداد
جلست ارضا وانا اردد
يا رب
يارب
احمي بغداد واهلها
23-3
لا للحرب
لا للحرب
خرجت مع طلبتي اندد بالحرب ضد العراق
25-3
تسلقت جدارا للسفارة الاسرائيلية اثناء مظاهرة وطلابي
وتناولت علما اسرائيليا ومزقته ودست عليه صارخا
منصورة يابغداد
منصورة يابغداد
حققو معي قالو عني
ارهابيه
صرخت بوجه المحقق
بل عربيه وبعروقي دم عربي ...
27-3
رايت نزار يركض بدهليز طويل مظلم وهو يصرخ
الشفاعة يارسول الله
الشفاعة يا حبيب الله
افقت من نومي مفزوعة
5- 4
سافرت الى عمان لالقاء سلسلة محاضرات في جامعة البتراء
8 -4
رايته ثانية يركض بذات الدهليز وهو يصرخ باكي
الشفاعة يا رسول الله
افقت مفزوعة ايضا
9 – 4
خرجت صباحا الى الجامعة لالقي محاضرتي
رايت الناس بالشوارع وجوههم مكفهرة
دخلت الجامعة
الطلبة بثورة
وبعضهم يبكي
ماذايجري
سقطت بغداد
بغداد لن تسقط
بغداد خلقها الله لتسمو
سقطت بغداد بيد الرذيلة
بغداد مدينتي
مرباي وعشقي
يا حضنا دافئا
يا امي
يا ابي
بغداد هل لك ان تكون غريبة وانت الوطن والاهل وما نملك
بغداد
خذيني ضميني
خرجت من المحاضرة راكضة وقد تناثرت اوراقي بالهواء متجهة الى الساحة الهاشمية ورميت نفسي باول سيارة وقلت له
الى بغداد
...............................................
على الحدود
رايتهم
فالخبر صحيح اذن
ظل ينظر الي بعين وقحة وهو ينظر الى جواز سفري الامريكي ثم غاب قليلا ليعود ومعه ضابط
رحب بي كثيرا ومنعني من الدخول
سيدتي انت من رعايا امريكا واننا لنخاف عليك
لاتخف وادخلني
الله اكبر
الله اكبر
ايخافون علينا منك يابغداد
الله اكبر
ماهذا الذي ارى
قتلى على الارض دون حراك من احد
انهار دم تصب في دجلة
ورجال يلطمون الحسين عليه السلام
اسيد شهداء الجنه تلطمون
صغار لعبتهم قنابل
الناس وجوههم مصفرة
النخيل ماتت واقفه ببغداد
بلا رؤوس هي
على باب مسجد باول شارعنا
رايت جثة لرجل مربوط اليدين من ظهره مضرجا بدمائه
بغداد
اين الكاردينيا يعبق بجنائنك في نيسان الربيع
استبدل برائحة البارود
اين الصبايا المتمايلات بمشيتهن ساعة العصر بشوارعك الغناء
ذهبن لتشيع اخوتهن
اين الشاي العراقي المخدر المهيل والمعتق كالسلافه
استبدل بخمر وحشيش
واين عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
استبدل ب يمه قرصتني عقربه
واين القداح وزهر الليمون
استبدل بعطور معلبه
واين
اين
اين
وطن مدا على الافق جناحا
وارتدى مجد الحضارات وشاحا
استبدل بالبرتقاله
اه يا وطني
اه ياوطني
بغداد انت الوطن
كيف لي ان ارى جدرانك تتحطم
ونساءك تترمل
واطفالك تتيتم
قد سقطت الاقنعة يابغداد وبدت وجوه قبيحة
استوقفني شرطه عند جسر الائمه من جهة الكاظمية معقل المذهب الجعفري طلب مني اثبات شخصية كيف لي ان اريه جوازا امريكيا سيهدر دمي بلا شك قلت له وقد حاولت ان استجمع كل الكلمات التي احفظها باللهجة العراقية
خويه ماعندي هويه
ما اسمك
نظرت اليه طويلا حين صرخ بوجهي
هل نسيت اسمك
لا عيني اسمي مياس علي كاظم
فسمعت زميله يقول
اتركها هذه من جماعتنا
وعبرت الجسر لاصل الى منطقه الاعظميه معقل السنه فاستوقفني الشرطة ايضا وسالني نفس الاسئلة وكأنهم اختلفو بكل شيئ الا هذه الاسئلة واجبته بمثل ما اجبت الاول سوى انني قلت لن اسمي
مياس فاروق عمر
واه لو يعرفون ان اسمي مياس مصطفى محمد.....حبيب عمر وعلي
....................................................
كان لابد ان اعود فقد شعرت باحباط وانا ارى هذه المدينه دمها يهدر
لكني لم ارى نزار ...
لم اتصل به
لم اعرف اخباره
اتصل بابي اتوسل اليه ان يترك بغداد ويذهب عند احد اخوتي الذين انتشروا باسقاع الارض
ولمن اترك بيتنا ...هنا ولدت مي ...ومحمد تسلق جدرانه ..ومراد كان تحت هذه الشجرة يجلس ليفلسف امور الدنيا واهلها ...وهنا مياس جلست تقرا لي شعر نزار قباني وهي تحمل وردات الكاردينيا ...ومهد حبيبة امها وصاحبه اجمل ضحكة هنا ركضت خلف مريم تتداعبان
يا ابي واين هم الان؟اوليس هم باسبانيا والنرويج والسويد واستراليا ونيوز لندا
لكن بيتنا قائم
ابي ارحم شيخوختك
بابا ...بغداد التي احتضنتني صغيرا ..فقيرا ..بلا وطن او مأوى لن اتخلى عنها بشدتها
.............................................................
مر عام واخر وثالث وبكل ليلة ارى نزار يركض بدهليز طويل معتم وهو يصرخ
الشفاعة يارسول الله
الشفاعة ياحبيب الله
افقت يوما وقد كنت وصلت الى الحد الذي لا استطيع ان احتمل وكان يجب ان اعرف عنه شيئ وظل طوال نهاري معي يتنفس نفسي ..وينبض نبضي
وما ان جاء المساء حتى نفذ صبري فتناولت هاتفي النقال وقد اوقفت سيارتي على جانب الطريق واتصلت به
كان يجب ان اسمع صوته
كان يجب ان اطمئن عليه كان ذلك بعد ثلاث عشر عاما من اخر مرة اتصل بي
ورن الهاتف بالطرف الاخر ومعه قلبي يدق
هل ساجده
الم تصله يد الغدر
وان وجدته هل سيذكرني
هل سيعرفني
غير مهم المهم ان يكون هو بخير
رن الهاتف طويلا ولم ياتني رد
وعاودت المحاولة ثم
...........
..........
جائني صوت نسائي ترددت ان اتكلم لكنني
الو مرحبا
هلا
هل الاستاذ نزار موجود
من انت وماذا تريدن منه
لو سمحت انا اكلمك من خارج العراق ...هل لي ان اكلمه
هو ليس موجود
حسنا ارجو ابلاغه انني ساتصل به غدا بمثل هذا الوقت
......................................
من هذه المراة
هل تزوج
ولم لا
ليسعده الله ويهنئه
ولكن الويل له لو احبها اكثر مني
........................................
كيف مرت الساعات لا ادري
كيف عشت يومي
لا ادري
كيف القيت محاضرتي على طلبتي
لا ادري
لا ادري
ماعدت داريه لاي شيئ ولا باي شيئ
كل ما ادري به انني بجب ان اسمع صوته
سعيدة انا به اذ عرفت انه مازال على قيد الحياة
....................................................
حتى جاء موعد الاتصال وكنت ايضا خارج البيت
قرب احد المتنزهات والساعة بحدود السابعة عندما رننت عليه لياتي صوت فتاة ربما بالخامسة عشر من عمرها او اقل
الو مرحبا
اهلا
هل استطيع ان اكلم نزار
سكت قليلا ...ثم سمعتها تقول
نعم
جائني صوته الرخيم
الو
خفق قلبي
شعرت ان الدنيا تهرب مني
وان لا صوت لي
وان العالم بين يدي
ثم قال ثانية
الو
ارتعش صوتي
بل غاب وضاع مني
وسمعته يقول
لا احد ...الو
مرحبا
سكت قليلا
ربما لم يعرفني
ربما نسيني
ربما كان اسمي بين الاسماء
او كنت عددا بينالاعداد
ثم جاءني صوته كأنه من عمق بئر
مياس
نزار هل تذكرني يانزار
كيف لي ان انسى
غلبتني دموعي فرحا
شوقا
لهفة
نزار هل انت بخير
الحمد لله
مالي اسمع صوتك ضعيفا
تنهد
لا شيئ حبيبي ...لاشيئ
كنت خائفة ان لا اجدك
واين ساذهب...بالبيت لا ابرحه
ولم
الاتعلمين لم ....؟؟مهدد يامياس
اخرج ...سافر
بغداد لو اغادرها اموت
سكت قليلا ثم قال هو
طمنيني عنك كيف هو زوجك ..
الحمد لله
كيف يعاملك
الحمد لله
ودراستك
ضحكت
اي دراسة انا الان احمل شهادة بروفسور
تستحقين اكثر لذكائك وتفوقك
سكت قليلا ثم
واولادك ...هل عندك اولاد
بنت واحدة ميار
سكت هو لاساله انا
وانت
ماذا
هل تزوجت
ضحك
مياس .....صعب ان ارى امراة غيرك ياعزيزتي
والمراة التي ردت علي بالامس
اختي
والفتاة التي ردت علي الان
مياس
نعم
مياس اسمها مياس ابنه نمير اخي
هل اسميتها مياس
كي لا يفتأ لساني من ذكراسمك
نزار سافر ...تعال الى هنا اريد ان اراك
وانا اريد رؤيتك لكني لا استطيع
لماذا
وبيتك يامياس من سيزوره يوميا
وذلك الشارع الطويل الممتد من بيتكم حتى كليتك من سيمشيه
وكليتك من سيزورها
واشجار الكاردينيا من سيشم عطرها
ومطر نيسان من سيمشي تحته
ومن سيسمع الاولة بالغرام ساعة الغروب
ومن سيرن على هاتفك يوميا الساعة الرابعة والنصف عصرا
مياس لو اترك بغداد كأنني تركت حبك فهل ترضين
.....................................................
لن يسافر ما احياه الله
لن يسافر وستظل يديه مطبوعة بجدران بغداد
لن يسافر لانه نزار
....................................
استحلفكم ياهل بغداد لو رايتموه ابلغوه مني السلاما
وان امطرت السماء في نيسان ابلغوها من السلاما
وان مررتم ببيتنا ابلغوه مني السلاما
ان شممتم عطر الكاردينيا فابلغو بغداد واهلها مني السلاما
انتهت
سما مصطفى