قصة حضن امي
بقلم سما مصطفى
بتلك السنوات الغابرة التي جمعت شقاوة طفولتي وصمت هدوئي التي ما اجتمعت الا لبلورة سؤال كثيرا ما راودني وارقني هل امي تحبني ؟؟كيف لها ان تحبني ولها غيري اربعة اخوة اخرين فالكبرى هي الجميلة التي اول من ناداها بكلمة ماما والبكر الذي را ت فيه اخا بعد حرمانها من الاخوة وبعد يتمها العتيق والصغرى شبيهة ابي بكل هدوئها والاخر الذي مارست فيه امومتها - وانا الوسطى بين اخوتي هل تحبني بين كل اولئك --؟--ربما لا تشعر بان لها طفلة في التاسعة تتوق لحضنها
وكطفلة راودتني فكرة لو خرجت من البيت هل كانت ستشعر بغيابي ؟--حتى كان يوما ما –خرجت من مدرستي ظهرا فرايت جمهرة من الناس يبدو ان هناك مشكلة فسالت فتاة بمثل عمري اين تذهبون فسمت مكان لم اسمع به من قبل رميت حقيبتي بالبيت واردت ان اعيش المغامرة والذهاب لذاك المكان المجهول ولم اشعر بغربة المكان ولا بمرور الوقت بحديث طويل مع الفتاة التي بعمري واخريات كن يصحبن امهاتهن واباءهن وابناء العم والعشيرة ---وابتعدنا عن البيت كثيرا--نظرت حولي وقد هبط المساء سالت عن الساعة قيل انها الخامسة والنصف وقد خرجت من البيت قبل حوالي ثلاث ساعات –سالت الفتاة متى تعودون قالت –لن نعود الا في يوم غد وامسكت يد امها وهي توليني ظهرها فتوقفت بمكاني ومددت يدي علها تجد يد امي بين تلك الايدي المشتبكة فلم يكن غير غبارافدامهم التي عفرت الطريق وصوت صمتا اذاب كل جليد وهو يصرخ بصمتي – بداخلي .....امي –امي –اين انت يا امي واردت ان اعود فلم اقدر –كيف لي العودة بشارع مسيرته ثلاث ساعات واكثر – بيوته مبعثرة بين بساتين وغابات نخيل –كيف ساعود –كيف ساعود –وقد الهاني حديثي والفتاة ان انظر الى الطريق فبكيت خوفا –وشوقا –خوفا من ظلمة المكان وشوقا لبيتي وغرفتي واخوتي بينما اطل براسه سؤال من بين زحمة افكاري هل امي شعرت بغيابي طوال تلك الساعات ؟هل ستضربني ؟هل ستوبخني ؟واركض ورؤس سؤالي تركض امامي وقبلها تركض سنوات عمري التسع وخوفي من وحشة المكان—لا الطريق ينتهي ولا دموعي تجف ولا اجد مايدلني على بيتي حتى وصلت لنهر جاري مياهه فتوقفت هنيهة فعليه يطل سور مدرستي ورفعت راسي فوجدت سارية علم على سطح مدرستي يقف بشموخ -–ماذا ساقول لامي ستضربني لا محال فالوقت متاخر –ام تراها لم تشعر لغيابي –وما ان وصلت اول الحارة حتى رايتها تقف عند الباب تنتظر عودتي وفي عينيها خوف ولوعة لفراقي كنت ابكي بصوت مرتفع حتى وصلت لها وارتميت بحضنها وراحت تمسد بحنان على راسي بينما اكاد اسمع نبض قلبها الخافق لغيابي --- وغفوت على ذراعها بتلك الليلة وانا لا ازال ارتدي ثياب المدرسة
اليوم وقد كبرت وعرفت معنى الامومة اول درس تعلمته ان لكل ولد محبته بغض النظر ان كان الاول او الاخر او الاوسط
سما مصطفى
من مجموعة مذكرات امراة مغتربة